مرت رحلة السعودة بمراحل ومحطات مختلفة، بدأت برمزية العقال يرتديه السائقون من الجنسيات المختلفة، وانتقلت بفرض قرارات غير مدروسة وغير واقعية، لكن تلك المحاولات لم تلامس جذور المشكلة، وكانت تكتفي في كل محاولة بالإعلام والقرارات الإدارية، مع بعض المحاولات الخجولة للوصول لجذور المشكلة ومحاولة ملامسة تلك القضية من جذورها.
تطرقت في مقالة (التوطين من الحقول إلى العقول) بتاريخ 13/7/2021 في جريدة عكاظ إلى عدة نقاط تتعلق بالتوطين والبطالة، منها: أن سوق العمل ليست قضية اقتصادية فحسب، وأن أزمة الموارد البشرية المحلية تتطلب ردم الهوة بين العقول ورؤوس الأموال من ناحية، مثلما هي بحاجة لردم الهوة بين ثقافة المهنة وثقافة الشهادات، ومثلما هي بحاجة لردم الهوة بين التغييرات الاجتماعية والتحولات الاقتصادية، ناهيك عن ضرورة وحتمية ردم الهوة بين القطاع العام والقطاع الخاص.
تحدث وزير التعليم، رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ، عن أن (المستهدف في عام 2025 هو قبول 33% من خريجي الثانوية العامة وفي عام 2030 نستهدف قبول 40% من خريجي الثانوية العامة، في برامج التدريب التقني والمهني)، وهذه نسبة لها وزنها وأهميتها البالغة، لأنها تنسجم مرحليا مع مستهدفات برامج رؤية المملكة، مثلما أنها تنسجم مع النضج الاجتماعي والوعي المهني المحلي الذي تحقق في السنوات الأخيرة على مستوى ثقافة العمل.
لكن هذا المشروع يتطلب درجة عالية من التنسيق مع وزارة التعليم وجهات أخرى لضمان عدم تكرار الأخطاء الفادحة التي وقعت بها المؤسسة خلال عقود من الفشل، فما حجم التنسيق بين الوزارة والمؤسسة؟ وما هي الآلية والكيفية التي يمكن أن ننجح معها بتحويل 33% أو 40% من خريجي الثانوية إلى قدرات وطنية تقنية وفنية؟ وما الذي يضمن أن المؤسسة قد تغير فكرها ومنهجها بعد أن أهدرت جيلا أو جيلين من الشباب فضلا عن إهدارها أموالا طائلة في ما لا طائل منه؟
لا تستصغروا التخصصات الدقيقة والمجالات الصغيرة، فالسعودة الحقيقية هي بالعقول وليست بالعقال، والحاضنة الطبيعية للسعودة هو التعليم المبني على دراسات نفسية اجتماعية ومهنية. قد تكون مؤسسة التعليم الفني والمهني تغيرت فعلا، وبدأت مرحلة جديدة مختلفة تنسجم مع التحولات الاقتصادية والنضج الاجتماعي والوعي المهني المأمول، لكن الحديث عن (50) كلية لنا به وحوله رأي. فالعدد 50 يعد متواضعا وقليلا جدا لأننا نتحدث عن برامج تقنية وفنية دقيقة لمئات آلاف الطلبة والطالبات وربما الملايين من الطلبة والطالبات، ثم إن مسميات ومصطلحات «كلية» و«أكاديمية» لا تنم عن تعليم فني ومهني حقيقي ولا تعبر عن تغيير حقيقي وجوهري في منهجية وعقلية المؤسسة.
الإحصاءات والأرقام في ألمانيا تتحدث عن أن 70% من الطلاب خريجي الثانوية الألمان يتجهون إلى التعليم المهني، ليس بسبب معدلاتهم المنخفضة، ولا بسبب صرف مكافآت مالية لهم، وإنما لأن أمامهم أكثر من 400 مجال «برنامج» مهني وفني، باستطاعة وبوسع كل طالب أن يجد نفسه نفسيا واجتماعيا ومهنيا بواحد من هذه البرامج وبما ينسجم مع خطط وهيكلة الموارد البشرية. فليس المطلوب أنصاف تقنيين وأرباع فنيين، إنما المطلوب في كل مجال عشرات البرامج الدقيقة، وإلا سنكون أمام نسخة ممسوخة ومكررة للتخصصات الجامعية وبرامج المؤسسة السابقة.
تطرقت في مقالة (التوطين من الحقول إلى العقول) بتاريخ 13/7/2021 في جريدة عكاظ إلى عدة نقاط تتعلق بالتوطين والبطالة، منها: أن سوق العمل ليست قضية اقتصادية فحسب، وأن أزمة الموارد البشرية المحلية تتطلب ردم الهوة بين العقول ورؤوس الأموال من ناحية، مثلما هي بحاجة لردم الهوة بين ثقافة المهنة وثقافة الشهادات، ومثلما هي بحاجة لردم الهوة بين التغييرات الاجتماعية والتحولات الاقتصادية، ناهيك عن ضرورة وحتمية ردم الهوة بين القطاع العام والقطاع الخاص.
تحدث وزير التعليم، رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ، عن أن (المستهدف في عام 2025 هو قبول 33% من خريجي الثانوية العامة وفي عام 2030 نستهدف قبول 40% من خريجي الثانوية العامة، في برامج التدريب التقني والمهني)، وهذه نسبة لها وزنها وأهميتها البالغة، لأنها تنسجم مرحليا مع مستهدفات برامج رؤية المملكة، مثلما أنها تنسجم مع النضج الاجتماعي والوعي المهني المحلي الذي تحقق في السنوات الأخيرة على مستوى ثقافة العمل.
لكن هذا المشروع يتطلب درجة عالية من التنسيق مع وزارة التعليم وجهات أخرى لضمان عدم تكرار الأخطاء الفادحة التي وقعت بها المؤسسة خلال عقود من الفشل، فما حجم التنسيق بين الوزارة والمؤسسة؟ وما هي الآلية والكيفية التي يمكن أن ننجح معها بتحويل 33% أو 40% من خريجي الثانوية إلى قدرات وطنية تقنية وفنية؟ وما الذي يضمن أن المؤسسة قد تغير فكرها ومنهجها بعد أن أهدرت جيلا أو جيلين من الشباب فضلا عن إهدارها أموالا طائلة في ما لا طائل منه؟
لا تستصغروا التخصصات الدقيقة والمجالات الصغيرة، فالسعودة الحقيقية هي بالعقول وليست بالعقال، والحاضنة الطبيعية للسعودة هو التعليم المبني على دراسات نفسية اجتماعية ومهنية. قد تكون مؤسسة التعليم الفني والمهني تغيرت فعلا، وبدأت مرحلة جديدة مختلفة تنسجم مع التحولات الاقتصادية والنضج الاجتماعي والوعي المهني المأمول، لكن الحديث عن (50) كلية لنا به وحوله رأي. فالعدد 50 يعد متواضعا وقليلا جدا لأننا نتحدث عن برامج تقنية وفنية دقيقة لمئات آلاف الطلبة والطالبات وربما الملايين من الطلبة والطالبات، ثم إن مسميات ومصطلحات «كلية» و«أكاديمية» لا تنم عن تعليم فني ومهني حقيقي ولا تعبر عن تغيير حقيقي وجوهري في منهجية وعقلية المؤسسة.
الإحصاءات والأرقام في ألمانيا تتحدث عن أن 70% من الطلاب خريجي الثانوية الألمان يتجهون إلى التعليم المهني، ليس بسبب معدلاتهم المنخفضة، ولا بسبب صرف مكافآت مالية لهم، وإنما لأن أمامهم أكثر من 400 مجال «برنامج» مهني وفني، باستطاعة وبوسع كل طالب أن يجد نفسه نفسيا واجتماعيا ومهنيا بواحد من هذه البرامج وبما ينسجم مع خطط وهيكلة الموارد البشرية. فليس المطلوب أنصاف تقنيين وأرباع فنيين، إنما المطلوب في كل مجال عشرات البرامج الدقيقة، وإلا سنكون أمام نسخة ممسوخة ومكررة للتخصصات الجامعية وبرامج المؤسسة السابقة.